Wednesday, June 1, 2016

"Care is the driving force of leadership." Michael Kouly


"Care is the driving force of leadership." Michael Kouly

The core of leadership is care. 

It is care that will make you accept the sacrifices that are required to mobilize people.

It is care that will make you pay the attention needed to lead. 

It is care that will fuel you with energy that is required to do the hard work of leadership.

And it is nothing but care will keep you in the game when the same people whom you are trying to help through you acts of leadership resist and fight you - just because they don't see the potential brightness of their future the way you do.

Do you really care about those whom you wish to lead? Do you really care about the cause that you are trying to serve? The answer to such questions will determine the fate of your leadership journey.  


"Awareness without action is worse than ignorance." Michael Kouly




"Awareness without action is worse than ignorance." Michael Kouly
It is okay if one did not know about a certain reality that deserved attention.
It is okay if one did not know about a situation that needed to be left 
untouched or that required an intervention to be rescued or improved.
But it is NOT okay if one knew and was aware of such realities and still
did nothing when attention or intervention were needed for a good purpose. 
What reality are you aware that it needs your attention or intervention and yet
you are doing nothing about it? why so? 

Tuesday, July 28, 2009

عهد سليمان والفرصة الضائعة


عهد سليمان والفرصة الضائعة


By Michael Kouly

بقلم: مايكل كولي
(الكاتب رئيس سابق لرويترز الشرق الأوسط ومتخصص في القيادة الأستراتيجية من جامعتي هارفرد وبرنستون الأمريكيتين. للتعليق:
Michael.kouly@post.harvard.edu

بدأ الوقت ينفذ. على فخامة الرئيس ميشال سليمان أن يقرر سريعًا, هل يريد أن يذكره التاريخ كأي سياسي لبناني عابر آخر, أم كأحد صانعي لبنان الحديث ؟
آراء الباحثين في علم القيادة منقسمة بين من يبدي إعجابًا بأداء سليمان في السنة المنصرمة من حكمه وبين آخرين يرون أنه كان بإمكانه أن يؤدي بشكل أفضل. ويعدد المعجبون إنجازات الرئيس كالآتي:
استطاع ان يحظى باحترام محلي ودولي لقيَّمه وشخصه.
أعاد الاعتبار لمنصب رئاسة الجمهورية كرمز لهيكلية السلطة الرسمية.
استثمر الدعم الدولي للبنان من خلال زيارته عدة بلدان ليقدم بلده كوطن معافىً بعد أن كاد يعتبر بلدًا فاشلا.
فهم توازن القوى الداخلية والخارجية، وحافظ على علاقات جيدة مع سائر الأطراف.
حرص على أن يكون ممثلاً لجميع اللينانيين على اختلاف شرائحهم.
جهد لجمع سائر الأفرقاء اللبنانيين على طاولة الحوار ليتفقوا على المبادئ الأساسية التي تحكم عيشهم سويًّا.
استحق الاحترام كصوت للحكمة والاعتدال في بلد عرف بالتهور السياسيّ.
أسهم في استقرار البلد سياسيًّا واجتماعيًّا وأمنيًّا بالرغم من التأجج السياسي المستمرّ.
الرئيس سليمان نجح في إنجاز الآنف رغم محدودية صلاحياته، وينقل القريبون منه غصته لعجزه عن تقديم المزيد لبلده بسبب ضيق سلطته الرسمية.
أما النقاد فيرون أن ما أنجز خلال هذه السنة كان بالإمكان أن يكون أكثر بكثير لو أن الرئيس استخدم مصادر تأثير خارج إطار الصلاحيات الدستورية، من خلال قدرته على التواصل مع الشعب مباشرة لبناء رأسمال سياسي عند الناس الذين هم مصدر السلطة الحقيقي، مستغلاًّ لهذا قدرة منصب الرئاسة على جذب انتباه الناس والإعلام. وهم يرون أن الظرف الحالي استثنائيٌّ يتطلب مقاربة جديدة لحل المشاكل وإبداعًا وأفكارًا خلاّقة، وأن سليمان يتعاطى مع هذا الظرف بأساليب عادية، جرِّبت لعقود وفشلت في كل مرة.
وهم يخشون أن تتحوَّل سنوات عهده الستة إلى مزيد من الفرص الضائعة لممارسة العمل القيادي الحقيقي.
مشكلة لبنان أنه مكوّن من مجموعات متنافرة ومتخاصمة لا تثق ببعضها بسبب عمق تاريخها الدموي المشترك وبسبب التناقض في نظرتها إلى هوية الوطن ومستقبله وقيَّمه وأولوياته. هذه المشكلة البنيوية الحادة والمزمنة لا يمكن أن تُحَلَّ فقط بتغيير آلية الحكم كالنظام الانتخابي أو التركيبة الحكومية أو إعادة توزيع السلطة بين الأفرقاء أو حتى بدستور جديد.
وهذه السنوات العشرون التي مرت على دستور الطائف دون أن تُزيل علل لبنان، شاهد على ذلك. إن كل هذه الآليات هي ضرورية جدًّا لتأمين البيئة الحافظة للجتمع، ويجب أن تعطى اهتمامًا بالغًا. ولكنها مؤقتة وقصيرة المدى، وتبقى حلولاً تقنية تنتج المزيد من المشاكل المستحدثة وتراكمها إلى القديمة، إذا لم تتطوّر ذهنية المواطن اللبناني.
إن عطب آلية ومحاصصة الحكم والتأثير المسيطر للتدخل الخارجي معضلتان كبيرتان ولكنهما تبقيان عوارض المرض الحقيقي وليستا حقيقة المرض.
إن معظم المعالجات التي بذلت، ومن ضمنها جهود الرئيس، كانت ولا تزال، منصبة على العوارض ومهملة لحقيقة المرض، إلا إذا اعتبرنا أن الأمل بتغيير ذهنية اللبنانيين مفقود، وأن الذي نشهده هو أفضل الممكن.
وإنه لمن المحزن أن سنين وعقودًا قد هدرت دون تقدم كاف في الإجابة عن أسئلة أساسية مثل:
ماذا يعني أن تكون لبنانيًّا؟
هل اللبنانيون يريدون فعلاً أن يعيشوا سويًا؟
هل اللبنانيون قادرون ومستعدون على القيام بالتضحيات اللازمة ليعيشوا معًا بسلام؟
الواقع أنه بالإضافة إلى إهمال المواضيع الجوهرية لأجيال وتجنب الخوض فيها فإن الأمور قد ازدادت سوءًا. فالبلد الذي كان يعاني من انقسام طائفي أضحى منقسمًا طائفيًّا ومذهبيًّا، والإدارات باتت شبه مشلولة، والدين العام تفاقم، والقوى المسلحة الرسمية لم تعد الوحيدة ولا حتى الأقدر على أرض الواقع، بل إنها أمست أقل عسكرة من بعض القوى غير الرسمية, في وقت تعزز الارتباط بالخارج والولاء له.
وحتى الانتخابات النيابية الأخيرة التي هُلِّل لنجاحها كثيرًا، لم تحصل إلا بتراضي الأفرقاء المحليين والخارجيين على ذلك, ولم تُسفر نتائجها عن أي تطور في البلاد.
وإنه لمن المؤسف أن تكون هذه الانتخابات زادت كثيرًا في تراكم الآلام في الذاكرة الحية للبنانيين، فالحملات الانتخابية كلها استعملت ثقافة التخويف والتخوين والتشكيك والغضب والحقد والانتقام، الأمر الذي عمّق الصدع الوطني.
إن رؤية الشبان وهم يحملون أقرباءهم العجزة والعجائز إلى صناديق الاقتراع ليضعوا أوراقًا لا يدرون فحواها كان مشهدًا مخيفًا لتنامي مستوى الحقد المتبادل بين اللبنانيين والذي لا يتردّد في أن يُطِلَّ بعنف من وقت لآخر. بدل أن تكون منافسة لإيصال الأقدر على خدمة المجتمع بأكمله, لقد كانت هذه الانتخابات بحق حربًا أهلية خيضت بالأوراق.
من السذاجة والظلم في آن، القول إن عبء إصلاح كل هذا الخلل المتفاقم يقع على عاتق الرئيس أو أي شخص آخر, فالمسؤولية تقع على عاتق كل اللبنانيين بلا استثناء, مواطنين وسياسين ورسميين. كما انه لمن المستحيل على أي كان, لا سيما على رئيس مهمش دستوريًا, ان يواجه لوحده عفن السلطة السياسية والمذهبية التي تتغذى على جروح الوطن النازفة.
السؤال اذن هو: ماذا يمكن للرئيس سليمان أن يصنع مع إرث كهذا؟
الجواب : هو في تغيير "اللعبة", والتركيز المباشر على الشعب حيث تكمن المشكلة والحل. إن هذا هو ما فعله غاندي ومنديلا ومارتين لوثر كينغ. لقد قام هؤلاء وأمثالهم بحض شعوبهم على مواجهة الحقائق المرّة وساعدوهم على تغيير العقلية التي أدّت اليها. وبدون أي سلطة رسمية او دستورية تحوّلوا إلى الصوت الذي يرفع مستوى الوعي والإدراك في المجتمع.
حتمًا ليست هذه دعوة لاستنساخ نابليون العسكري أو شافيز الشعبوي أو ماو تسي تونغ العقائدي أو أي من التجارب اللبنانية التي أدت إلى تمحور مجموعة حول الولاء للشخص، بل هي دعوة لسليمان ليُمضي سنين عهده الخمس الباقية مسخرًا قوى الرئاسة المعنوية ليؤسس في الإنسان اللبناني قيمًا يجمع عليها الشعب لتكون مساحة مشتركة تجمع الوطن وجسورًا بين أطرافه المتباعدة.
قد يقول البعض إن هذا الطرح حالم وغير عملي، وإن أمراء الحرب سيفشّلون أي محاولة لتقليص قدرتهم على تجييش الجموع أو إن الرئيس لا يملك الوسائل لخلق هذه "الحالة" من الوعي المدني والوطني!
إذن ما البدائل؟!!.
في ظل الظروف الراهنة فإن الطرق المعتادة للعمل السياسي قد لا توصل إلى حلول، وهذا مقروء في كلام السياسيين أنفسهم الذين لا يفتؤون يُقِرُّون أن أقصى ماقد تبلغه حركتهم الآن هو "انفراج" مؤقت مبني على انفراج خارجي، وليس هذا بالمستغرب فهم مستمرون على استخدام الأنماط والمقاربات ذاتها التي مازالوا يمارسونها وأسلافهم منذ تأسيس الوطن، من إدارة للأزمات المتتابعة، واستنباط الحلول السطحية والتقنية، والاتكال المفرط على التدخلات الخارجية، تمامًا كما يفعلون الآن في موضوع تأليف الحكومة الجديدة.
وهذا ما ينطبق عليه تمامًا تعريف آينشتاين للجنون الذي هو عنده؛ أن تُكَرِّرَ الفعلَ عينَه، وتنتظر نتائج مختلفة. إن الطرق القديمة لن توصل إلى اماكن جديدة.
إن لدى الرئيس خيارين: الأول أن يكون مجرد رئيس للآليات والبروتوكولات والحياد ومنطقة هدنة سياسية وامنية .(BUFFER ZONE)
والثاني: أن يضيف إلى هذا كونه رئيسًا للوعي المدني ومرسيًا للقيم الوطنية.
وثمة إشارة واضحة إلى أن اللبنانيين متعطشون لأن يلعب الرئيس الدور الثاني، فهم ملوا من ثقافة السياسة وممارسة السياسيين التي ما برحت تُسمّم حياتهم منذ سنوات، وهم ينتظرون من الرئيس أن يقدم تعريفًا مختلفًا للقيادة يكون متقدّمًا على المستويين العالمي والتاريخي، وذلك بتقديم الرئيس النموذج الذي يختلف تمامًا عن الطبقة المهترئة من الزعامات التي اعتادوا عليها إلى حدّ السآمة، رئيس صادق أصيل غير أناني يتوجه إلى الشعب بقلبه قبل أن يُخاطبهم بلسانه ليدفع اللبنانيين لإبراز أفضل ما عندهم. اللبنانيون يتوقون إلى رسالة أمل تقنعهم أنهم قادرون على حلّ مشاكلهم بأنفسهم، وأن بإمكانهم بالرغم من اختلاف إرثهم التاريخي أن يبحثوا معًا عن مستقبل واحدٍ في وطن يُبنى على التعاون وليس على التناحر وعلى الوفاق وليس على النفاق والزعاق. وهذا الدور لا يحتاج إلى سلطة دستورية، فرئيس الجمهورية يملك أثمن أدوات القيادة ألا وهي قدرته على استرعاء انتباه الناس وبالتالي التأثير عليهم، كما أن أمامه فريقًا ضخمًا من المساعدين الممتازين غير المُسْتَغَلِّين حاليًّا، وهم النخبة اللبنانية الغير مُسيَّسة والمجموعات الموهوبة والمنفتحة والمتحمسة والملتزمة في المجتمع المدني الغني في لبنان، والذين يمكنه بسهولة تجييشهم لخدمة قضايا وطنية نبيلة بدل أن يبقوا مهملين كما هو الوضع الآن.
على الصعيد العملي، فإن الباحثين يقترحون أن يقوم الرئيس، وبدون أي إهمال اطلاقا لمسؤولياته السياسية والدستورية، بالعمل الجادّ والمكثّف مع النخب وجمعيات المجتمع المدني والتواصل المباشر مع الجماهير في المهرجانات والمؤتمرات والكنائس والمساجد وكافّة النشاطات الثقافية والرياضية والكشفية والشبابية حيث يستطيع أن ينشر رسالته بالأمل والتغيير.
إن هذا هو أسلوب مختلف كليًّا عن الأسلوب المعتمد حاليًّا للرئيس وهو يتطلب أن يقضي سليمان وقتًا أكثر مع الناس على الأرض، ووقتًا أقل مع الساسة في قصره.
ولعلّ هذه هي الطريقة الوحيدة، إذا أراد الرئيس أن يُحْدِثَ تأثيرًا ويبني رأسمالا سياسياّ، كما يستطيع أن يشكل فريق عمل خاص ليعينه في هذا كله، و ان يضع خطابًا جامعًا يُضمِّنُه الجوهر الوطني الموجود في خطاب كل الأفرقاء، ويُكرّر هذا الخطاب بلا كلل ولا ملل ليل نهار، وفي كل مناسبة في السنوات الخمسة القادمة حتى يصير هذا الخطاب جزءًا راسخا من وعي المواطن اللبناني والنمط الأساس في تفكيره وأدائه.
ولعل مما يصلح أن يكون من عناصر هذا الخطاب النص الآتي: "لبنان بلد الأخلاق والقيم الفضيلة بعيدًا عن الفساد. وهو سيد حرّ مستقلّ، يستبسل كل أبنائه في مقاومة أي اعتداء عليه. الحريات والتنوع الديني والثقافي هما رأسمال هذا الوطن ومصدر غناه. إن ما يجمع اللبنانيين أكثر بكثير مما يظنون أنه يُفرِّقهم".
لقد حظي الرئيس بأكثر من سنة ليتأمل في الدور الذي مارسه حتى الآن، وفي مدى إسهامه بحل المعضلات الجوهرية للبنان، وليفكر أين ستصير رئاسته إذا أكمل بهذه الطريقة. إن تعزيز سلطة الرئيس في الدولة والحكومة لا بد أن تساعدَه لأداء مهماته بشكل أفضل ولكن المنفعة ستكون تكتيكية، بيد أن ساحة العمل الحقيقي هي الناس حيث يكمن الداء والدواء، فهل سيستطيع الرئيس أن يتواصل مباشرة مع الناس؟
وهل سيستطيع أن يُمرَّر لهم قيمه ونظرته وحكمته المشهودة؟
وهل سيكون بمقدوره وهو يمارس حكمه أن يُحَوِّل المجتمع المدني والنخب المثقفة إلى جيش من الناشطين في خدمة رسالته الوطنية الجامعة؟
وهل سيُعرَفُ سليمان في التاريخ بأنه الرئيس الذي ساعد اللبنانيين على أن يغيِّروا نظرتهم لأنفسهم ولبعضهم البعض ولبلدهم؟.
وهل سيكون رئيس المؤسسات والآليات فقط، أم سيُفضِّل أن يكون أبًا لحالة مدنية وطنية واعية؟
إن الفرصة سانحة ليقول الزمان "نعم يستطيع" ولتقول الأجيال القادمة "لقد استطاع".

July 2009-07-17

Tuesday, July 7, 2009

Will Suleiman’s presidency be another lost leadership opportunity in Lebanon?


Will Suleiman’s presidency be another lost leadership opportunity in Lebanon?


By Michael Kouly

Time is ticking. President Michel Suleiman has to make up his mind soon on whether he wants to be remembered as just another Lebanese politician or as a president of historic proportions.

Views are now split among Leadership experts on the performance of Suleiman who took office more than a year ago. Some scholars are praising his interventions and others are saying that he could have done much better.

The many who praise the president, highlight the following as his achievements:

- Commanded local and international respect for his values and character
- Reinstated the position and image of the office of the presidency as a symbol of the country’s structure of formal authority
- Capitalized well on the international support for Beirut by visiting many countries to present Lebanon to the world as a recovering rather than a failed state
- Understood the balance of power inside and outside Lebanon and maintained good relations with all parties
- Earned the representation of most Lebanese as their head of state who cared about their diverse concerns and maintained economic and social stability
- Has been trying hard to get the rival factions of the country to talk to each other and reach a minimal agreement on the fundamental principles that should govern their living together
- Received appreciation as a voice of wisdom and moderation in a country known for political recklessness
Suleiman has admirably done the above with his little constitutional power. People close to him speak of his frustration for not being able to do more because of the constraints of his authority.

Critics, however, say further progress could have been achieved since Suleiman was elected had he taken advantage of other sources of strength available to him, beyond the limits of the constitution, particularly the ability to connect with the nation directly and build political capital with the public because of the power of attention that people and the media give to the president. They believe Suleiman is dealing with an extraordinary situation, where new problem-solving approaches and creative ideas are needed, with a conventional way of thinking that has been for decades repeatedly tried and failed. They fear that his six-year term will be yet another missed opportunity to exercise leadership in his traumatized country.

What is wrong with Lebanon?
Lebanon is dysfunctional mainly because it is made of heterogeneous rival factions that distrust each other due to their deep-rooted bloody common history and because of their contradictory beliefs about the identity, future, values and priorities of the country. Such a severe and acute structural fault cannot be fixed by just refining the process of governing the state like changing the electoral process, the composition of the cabinet, the distribution of power among the factions or even a new constitution (20 years after the Taif constitution, the same core problems still exist). All these processes are extremely important and should be carefully worked out because they provide a holding environment to society but they remain short term and temporary technical fixes that will generate more problems if the mindset of the Lebanese is not changed. The malfunctioning process of governance and the dominant impact of foreign interventions are dangerous but they are symptoms and not the root issues.

It is therefore unfortunate that much of the efforts made so far, including that of the president, are about dealing with the symptoms rather than the core diseases. It is sad that the past years have been wasted without significant progress by finding commonly agreeable answers to basic questions like: What does it mean to be Lebanese? Do the Lebanese really want to live together? Are they prepared to do the necessary sacrifices to live together in peace? In fact, not only much of the real issues have been avoided for generations but matters have become worse. The country that was divided religiously is now also infested with sectarian conflicts, the government is paralyzed, public and foreign debt is huge, armed forces are incapable of imposing order and are less militarized than some of the local factions while allegiance to external powers is dominant.

Successful elections?
Even the last parliamentary elections that were hailed as a success, they were held simply because the Lebanese factions (and their foreign sponsors) allowed them to happen. It is distressing that the voting greatly added to the massively painful collective memory of the Lebanese because the election campaigns used fear, anger, hatred, vengeance and distrust to mobilize people, making their rifts deeper. Watching people carrying their semi-conscious old and disabled parents and grandparents to voting stations to vote against their rival fellow citizens graphically demonstrated the level of mutual distrust among the Lebanese who often clash violently at the slightest triggers.


Who can clear the mess?
Of course it is unfair and naïve to believe that the burden of cleaning all this mess lies on the shoulders of the president or any single party alone. The responsibility is on all the Lebanese. It would be almost impossible for anybody, especially a constitutionally marginalized president, to confront alone the rotten political and sectarian establishments of power that are feeding off the bleeding wounds of their country.

The question is then what could president Suleiman do with such baggage? The answer is to totally “change the game” by focusing directly on the people, the public, where the heart of the problem and the solution lies. That is what Gandhi, Mandela and Martin Luther King did. They helped their communities face their hard realities and change the mindsets that caused their dilemmas. Without much authority, they were the voice that raised the level of awareness and consciousness in their societies. This, certainly, is not an invitation to copy Napoleon the army general, Chavez the populist, Chairman Mao Zedong the ideologist or previous forms of Lebanese political experiences that led to the creation of parties that revolve around individual charismatic figures. This is a call for Suleiman to spend his remaining five years of presidential term using the vastly unexplored moral power of the presidency to actively instill new values in the Lebanese people, values that most Lebanese can agree upon, so that enough common ground is built in the nation and bridges of trust are extended among its divided people.

Some may argue that this approach is dreamy, impractical and that the warlords of the country would torpedo attempts to diminish their power of mobilizing their crowds to serve their ideologies or personal agendas or that the president does not have the tools to create the needed “movement of civic and national awareness” in the country. But then again, what is the alternative? Actuality even the politicians are saying that the current political activity will at best lead to just a temporary space of calm. Why? Because the politicians are following the same futile behaviors and problem-solving thinking that has been practiced in the country for decades: crises management, self-serving agendas, superficial process-related technical fixes and total codependence on foreign interventions (precisely as they are doing now to form a new government). This is exactly Einstein’s definition of insanity: Doing the same thing over and over and expecting different results.

Choices?
The president has two choices: 1- Either to just become the president, of process, protocol, neutrality and political buffer zones. Or, 2- To emerge, also, as the president of civic awareness and of a new set of national values. Observers believe that people are thirsty for the second role because they are fed up with the petty political practices that have been poisoning their lives for years. They are ready for a leader who offers a different definition of leadership of historic proportion, a president of the people who leads from a clean heart and appeals to their good nature. The Lebanese are eager for an authentic, clear and simple message of hope that they can solve their problems by themselves and rise into prosperity and that it is possible for people of different histories to have a good common future in a state of mutual cooperation rather than of mutual distraction. The great advantage with the second choice is that Suleiman does not need constitutional powers to play this role because his has the most valuable asset that leadership demands – the attention of the people. He also has a substantial but greatly unutilized community of the intellectual elites and of the cadre of highly talented and committed activists – the vivid group of Lebanese civil society that he could easily mobilize in the service of a convincing national cause.

Is there any other way?
Practically speaking, leadership scholars recommend that the president, without ignoring at all his constitutional and political obligations, start interacting much more actively with the civil society, the elites and with the masses at festivals, conferences, churches, mosques as well as at sports, arts, scouting, youth and cultural activities and anywhere he can spread his message of hope and change. It is a vastly different style from his current classic approach because it involves spending more time with the people in the field than with politicians at his palace, but there is no other way if he wants to create impact and build his political capital. He can form a special team around him to advise him on interventions to preach and demonstrate a message of civic values, a simple national message (cleverly constructed from the key messages of all the local parties) that he can tirelessly repeat everyday over the next five years at every opportunity until it settles in the subconscious mind of his people. A message such as: Lebanon a country of ethics free from corruption; a sovereign and independent state that will defend its territory and resist any aggression; a nation where liberties and diversity are prime assets not liabilities; what brings Lebanese together is far bigger than what sets them apart…

Suleiman has had a year to reflect on the role that he has been playing so far, on its actual impact on dealing with the core issues and on the prospects of his presidential term if he continues to confine himself to his current approach. Trying to acquire more power in the government will for sure be helpful but in the long term the benefits are mainly tactical. The real working field is the people. It is where the illnesses and real remedies are. Can the president adapt his style to connect with the people directly? Can he effectively pass on to them his much-respected values, insights and wisdom? Can he, while still performing his presidential role of governance, turn the elites and civil society into his army of activists and national catalysts? Can he become to be known in history as the president who helped transform the way Lebanese think about themselves, each other and their country? Will he just be the president of institutional process or will he rather be the father of a public movement of civil and national consciousness? The opportunity is available for time to say “Yes He Can” and for the coming generations to say “Yes He Did.”


For comments: Michael.Kouly@post.Harvard.edu

Thursday, June 11, 2009

LEADERSHIP LESSONS FROM OBAMA’S SPEECH TO THE MUSLIM WORLD.HOW WOULD THE MUSLIM WORLD RESPOND?

LEADERSHIP LESSONS FROM OBAMA’S SPEECH TO THE MUSLIM WORLD.
HOW WOULD THE MUSLIM WORLD RESPOND?


By Michael Kouly

Much has been said about President Obama’s recent speech to the Muslim world. Being the words of the head of the strongest and richest nation, the message has been thoroughly analyzed from a number of facets such as politics, history, communication and diplomacy.

This article specifically focuses on the following leadership lessons of the speech:

· He took the initiative. When leaders face situations that negatively influence their “systems” they act by initiating appropriate interventions. Unless done as a conscious tactical step, leaders do not take a passive stand or just wait for something to happen.

· He put the “hot” issues openly on the table and got the system to face its harsh realities. Progress requires that people deal with reality as it is. Living in denial or in Illusions that ignore or distort the facts on the ground will only make matters worse.

· He came to “them”. Rather than giving his speech in the United States, Obama came to the heart of the Arab and Muslim world, the conflict zone, to present the important and volatile case of the relationship between the West and Islamic nations.

· He chose a stage that fit the nature of the challenge. Obama could have given his speech at the Egyptian parliament addressing politicians. However, because he did not want to present the issue as just political but rather as cultural, historical and moral as well, he opted for Cairo University and for an audience from various sectors of society. He spoke to all Muslims not only to their governments.

· He came with an open mind not with preset ideas. Obama said he did not know the solutions to the problems that he presented and that he was open for learning.

· He said “we were wrong”. Leadership demands the courage to acknowledge mistakes and to take part of the responsibility for the mess that has been created. Obama acknowledged that the West acted inappropriately for a number of times in history and called for a reflection on the past to develop lessons for the future.

· He clearly defined the key issues. Instead of speaking in general terms, Obama raised six distinct major subjects that he saw as the clashing points between the West and the Muslim and Arab world.

· He communicated plainly. Progress cannot be achieved and problems solved if the parties do not understand each other well. Using simple language, positive tone and the right pace, Obama presented his sentences to his audiences in a way that they could comprehend clearly.

· He connected with the “others” by underlining his understanding of their pains, worries, fears and anxieties as well as by showing respect to their beliefs.

· He created a space for dialogue. Obama said his initiative was in “search” of solutions and ideas that demanded an ongoing exchange of thoughts and perspectives until the best answers were found.

· He engaged the “other” by making sure that the burden of progress was on all sides rather than on any single party alone.

· He built bridges by highlighting the contribution that the Muslim and Arab cultures made to humanity and to the Western civilization and also the common values that both sides of the challenge shared.

· He was clear on his priorities and fundamental principles by setting the boundaries of the expectations of the other side and of what was not negotiable. Obama left no space for vagueness about his responsibilities towards the security of his nation, the alliances and relationships it has with other countries and about his central values and beliefs.

· He kept his options open. While emphasizing on dialogue and the importance of continued discussion of the issues, he said he was ready to make tough choices if his fundamental obligations were challenged.

· He acknowledged the importance of actions and not just words to deal with the situation. Obama outlined a set of actual steps that his administration was taking to solve some aspects of the problem.

· He believed in the interdependent nature of life where the sustainable wellbeing of one element depended on others. Obama’s initiative demonstrated his conviction that the United States could not live with peace of mind unless the Muslim and Arab world, as well as the rest of the planet, was living in peace of mind and vice versa.

· He said he could not deal with the challenges alone. Leadership demands the humbleness to acknowledge that no person or party can alone over the long term solve all problems of a system. In the complexity of an interdependent existence, no one is strong enough to carry the burden of survival and growth alone. All sides must contribute to the continuity of the system that carries them.
Indeed, more observations could be extracted from Obama’s intervention. However, there are also important leadership questions that have been raised by the event such as: what comes next after the speech? Obama’s reply to this question was that his initiative in Cairo was “just a speech” and that much work needed to be done by all sides (including the international Muslim and Arab communities). This, of course, in turn poses more key questions including:
· Who in the Arab and Muslim countries will reciprocate Obama’s initiative with a leadership intervention of a similar magnitude, weight and significance?

· Who, person or entity, has a representative status of the Arab and Muslim world that is comparable to the status that Obama has of the Western world? Would a response(s) be supported by Muslims the way Obama’s message was endorsed by the West?

· How, when and where would the counter initiative(s) take place?

· What would be their content, tone and spirit?

· Would the response be able to connect with the West and acknowledge and respect its concerns, anxieties and aspirations?

· Would it demonstrate an understanding of core Western beliefs?

· Would it exhibit reflection and introspection?

· Would it say “we too were partly wrong… we share some responsibility… let us work together for mutual respect and global peace”?

· Would the response be just words or would it commit to actions as well?
The above questions do not imply that a response to Obama’s intervention should necessarily come from a single person (head of state) or party (Arab League) and that it should mirror the style of the speech of the US president. Various cultures vary in the manner of their expressions and the vast Muslim world has its peculiarities that are different from that of the West or that of the United States. It may also be argued that the Muslim and Arab world does not have its version of Obama who is the obvious top figure of the Western world. The key point here is that leadership demands that Obama’s intervention be built upon to initiate other responsive complimentary leadership interventions so that progress is achieved at this troubled time of history and so that all humanity continues to have a life and to have it more abundantly.


*(Michael Kouly is the president of Cambridge Institute for Global Leadership CIGL, an advisor on strategy and leadership and a speaker. He is a former managing director of Reuters Middle East Ltd, a World Bank Fellow and a scholar of strategic leadership from Harvard and Princeton universities.
Michael.Kouly@post.Harvard.edu )

Friday, January 30, 2009

Letter to President Obama

President Barack Obama,


Dear Mr. President,

Congratulations on your inauguration. I wish you a successful presidential term full of inspiring service to your country and to the world.

I am writing to you because, now as the president of the United States, your decisions are bound to influence directly or indirectly the future of my four-year-old daughter Maria-Helena, just as it would for all forms of life on the planet.

You are carrying a heavy load. Most people can only begin to imagine the burden of the responsibility that you have just begun to shoulder. It must be monumentally hard to head the world’s largest economy, military, nuclear arsenal and the main super power that is a constant magnet to international attention. It is no wonder that the presidency of the United States is regarded as the most difficult job ever.

Billions of people, let alone your countrymen, look at you every day with great expectations that you will make their lives better and that you will bring solutions to problems that are the making of their hands and that are the legacies of their parents and great grandparents.

You already have the media to remind you of those expectations all the time. You also have the support of a huge administration and an army of advisors, some of whom are perceived as the best living minds in their fields, to give you advice on how to handle challenges and opportunities on a global scale. Nonetheless, it is perhaps for this reason, I thought of humbly sharing with you some insights that come from the quietness of remote reflection rather than from the noise of the daily complexities that surround you.

-Please stay alive. Your election represented a major step of maturity for the people of the United States. It has also inspired hope that although we as humanity often digress in our behavior, we at the same time can make good progress towards facing our dysfunctional issues and that just like Americans are fighting their moral battles with occasional success so can other nations do in confronting their demons. The world has had an exhausting start of the new millennium with mounting violence and economic stress; it does not need another shock. So, do take good care of yourself.

-Just because America has elected a person with African roots and a Hussein middle name for its top post does not mean that life is now rosy and the dark forces of the past are gone. In fact, your election may have triggered them to become more active. Complacency, over-optimism, projection of common logic and generalization of rational thinking can lead to unwelcome surprises.

-Do not push the system too much. It is already overstretched by your election and will need time to digest the big bite that it has swallowed. Give your people time to adapt before you pressure them for more daring “Obama-scale” changes.

-In fact, now that election campaign is over, it may be time to reflect on the concept of “change” that you have advocated. Change to what? Do we stop after changing or do we change again? Is survival and growth about constantly changing? Mr. President, change is a process and not a purpose. Our personal, communal and national mission is not to change but to 1- discover our true self, 2- “be” by living it and 3-put it in the service of other people, communities and nations. The ultimate leadership purpose of any head of state is to help his or her people discover and live their uniqueness as a nation and to employ it in the service of the larger humanity.

-I do not mean to sound untactful sir, but try to keep your feet on the ground. Your ego has every reason to soar for you have come to represent a remarkable chapter in history. Ego can kill in more than one way. Remain an extension of the act of love, tolerance and humility that your election has manifested.

- When you get overwhelmed by the complexity of situations presented to you remind yourself that the mind thrives for tangling issues. The fundamental laws of life are at core simple. Add a filter of simplicity to the rain of advice that you will get at every step of your presidential journey. Life is simpler than it seems to the human mind.

-Trust your gut, your internal wisdom. Like most people, you have enough light within you to distinguish right from wrong. Do not let excessive data generated by over-analysis overwhelm your thinking.

-Make sure your decisions are responsive; driven by purpose, wisdom, compassion and calmness rather than reactive; prompted by pride, anger and hastiness. The White House is not a school or a think tank where policy and leadership simulations are held. Wrong decisions at presidential levels are often very costly.

-Don’t make decisions with your heart alone. Wisdom has a good purpose. However, never hand the steering wheel exclusively to your mind without the companionship of compassion.

- Ask yourself frequently, how would I have approached this situation if America were not the wealthiest and strongest? Create your “imaginary council of elderly” by asking yourself before making big decisions: What would be the collective advice of an advising committee that includes the likes of Lincoln, Roosevelt, Woodrow Wilson, Churchill, Mandela, Martin Luther King, and Gandhi? All heads of states can benefit from surrounding their thinking with similar beacons of good values and wisdom.

-The world will soon start holding you responsible for the continuity of the mess that it has been creating for millennia. While leadership demands listening with deep empathy to the pains of the people, it also requires that the public be constantly reminded that progress happens when it takes charge of its life and when it does its share of solving its problems.

-It would be right for the American people to expect your interventions to improve their lives. However, please remember your moral and practical obligation towards the rest of the world as well. Being the richest, mightiest and most knowledgeable in an interconnected and interdependent world comes with obligations. Turning a deaf ear to the pains of the world will haunt your presidency and your country; just as the world would be well if the United States were happy, America too would suffer if the world were crying. I hope that less American flags will burn on TV screens during your presidency.

-Listen and talk to your enemies as much as you do to your friends and allies for it is with your enemies that you need to make peace and in their words lay precious insights.

-However, accept that no matter how well-intentioned, capable and motivated you are, you will not be able to solve most of the problems of your country, let alone the problems of the world. No president can do that without the active contribution of the public. People often need to be made aware that solutions to their troubles lie in their hands, especially when they help each other. “Yes we can” together solve our problems.

-Mr. President, decide early on how you wish yourself and your presidency to be remembered and use every day to build your legacy.

-While it is expected that you spend much of your term in managing crises and in putting off fires, try to champion just one or two of the chronic global problems that are damaging the present of humanity and are endangering its future. As for the rest of the challenges, your greatest contribution would be to use the power of your office to create global awareness and to push and pull humanity to deal with its dysfunctional issues.

- Your biggest challenge, of course, will be to change mindsets locally and abroad. The financial, environmental and moral storms as well as the tremors of violence that are sweeping the world are pure reflections of the ailing beliefs that have been conditioning human behavior. Although the wellbeing of humanity is the responsibility of every person, you are in a position where you can get the entire world, not only its figures of authority, to reflect on its current path and actively question the direction it is going.

Mr. President, this letter of remote reflection may have not added insights to your wisdom. However, I hope that it has reinforced it. I wish that your term becomes a blessing to all humanity. I know that you cannot cure the world, for even others with divine power have tried in vain. Just try to become a loud voice of consciousness and hope and aim to remove some of the many unnecessary pains that all forms of life, not only humanity, are suffering from. It is a very beautiful world sir that you can see it summarized in the flowers of your White House garden and on the faces of your children every time they smile. It is worthy of sacrifices. Yes YOU can!

Kind regards,

Michael Kouly

(michael.kouly@post.harvard.edu)

رسالة الى الرئيس اوباما

السيد الرئيس باراك حسين اوباما المحترم،

عزيزي السيد الرئيس،

هنيئا لك توليك الرئاسة. أتمنى لك عهداً رئاسياً حافلاً بالعمل الملهم لما فيه خير بلادك والعالم.

أكتب إليك، وأنت الآن رئيس الولايات المتحدة الأميركية، لأنّ قراراتك ستؤثر، بشكل مباشِر أو غير مباشر، في مستقبل ابنتي ماريا-هيلينا البالغة من العمر أربع سنوات، كما أنها ستؤثر في كل شكل من أشكال الحياة على هذه الأرض.

حملك ثقيل، سيدي الرئيس. معظم الناس لم يتخيلوا بعد عِظَم المسؤولية الملقاة على عاتقك. إنها لمهمّة صعبة غاية الصعوبة إدارة أضخم مؤسسة اقتصادية وعسكرية ونووية في العالم، وقيادة القوة العظمى التي تستقطب باستمرار أنظار العالم واهتمامه. ليس هناك أدنى شك في أن رئاسة الولايات المتحدة الأميركية هي واحدة من المهامّ الأصعب على الإطلاق.

إنّ آلاف الملايين من شعوب العالم، فضلاّ عن شعبك الأميركي، يتطلعون إليك وهم يتوقعون أنك ستجعل حياتهم أفضل، وأنك ستجد الحلول للمشاكل والأزمات التي أوجدوها هم وأجدادهم، فكانت إرثاً ثقيلاً ينتقل من جيل إلى جيل.

على مدار الوقت، سيكون الإعلام مصدر تنبيه لك، يذكرك بهذه التطلعات والتوقعات. كما سيكون بقربك جهازك الإداري الذي يضم جيشًا من المستشارين، بعضهم يصنّف الأفضل عالميًّا في مجال اختصاصه، لإسدائك النصائح في كيفية إدارة التحديات والفرص على المسار العالمي. ورغم ذلك، بل لذلك، أجد نفسي، وبكل تواضع، راغبًا في أن أشاركك بعض رؤى الناتجة عن التأمل في هدوء البعد، دونما غرق في الضوضاء والتعقيدات اليومية التي تحيط بك.

- حافظ على وجودك. لقد مثّل انتخابك خطوة كبيرة في نضج شعب الولايات المتحدة الأميركية، وبالرغم من أن مسار البشرية يظهر تقهقرًا، فإن هذه الخطوة الكبيرة ألهمت الأمل بأننا ما زلنا قادرين على التقدّم في مواجهة تحدياتنا والتغلب عليها. وكما أثبت الشعب الأميركي أنه ما زال يكافح في نضاله الأخلاقي والمبدئي، مع بعض النجاحات المشهودة، تستطيع شعوب أخرى أن تواجه بشجاعة قضاياها. لقد عانى العالم بداية قاسية للقرن الواحد والعشرين حيث تفاقمت موجة العنف والانكماش الاقتصادي الخانق. ان العالم لا يحتاج صدمة أخرى. لذا اهتم بنفسك جيدا.

- إنّ أميركا إذ اختارت شخصاً ذا جذور إفريقية، واسم والده حسين، ليتولى أعلى مناصبها، فهذا لا يعني أن الحياة أصبحت وردية وأن قوى الماضي الظلامية قد ولّت. في الواقع أنّ انتخابك ربما أثارها لتكون أشدّ فعالية. إن الثقة المفرطة والتفاؤل الساذج، وافتراض حاكمية منطق واحد قد يؤدي إلى مفاجآت ضارة ومؤذية. فلا تطمئن لهذا العالم المجنون.

- لا تسرف في الضغط على المنظومة الأميركية، فهي ما زالت تحت وطأة انتخابك رئيسا، وسوف تحتاج إلى وقت كي تستوعب ما حصل. أمهل شعبك قليلاً حتى يتكيف قبل أن تدفعه نحو مزيد من القفزات النوعية المطلوبة. لكن لا تخسر توثُّبك.

- الآن وقد انتهت الحملة الانتخابية، يبدو الوقت، ملائما للتأمل في مبدأ التغيير الذي روّجت له ودافعت عنه. التغيير إلى ماذا؟ هل نتوقف بعد التغيير؟ أو نتوجه إلى تغيير آخر؟ هل البقاء والتطور والازدهار يحتاج إلى تغيير دائم؟ سيدي الرئيس، التغيير هو نهج، وليس هدفا بحد ذاته. إن مهمتنا الشخصية والاجتماعية والوطنية ليست في التغيير، إنما هي في اكتشاف حقيقة أنفسنا وجوهرنا، وفي عيش هذه الحقيقة، وفي وضعها لخدمة الناس والمجتمعات والأمم. إن الهدف الأسمى للعمل القيادي في أي منصب رئاسي، هو المساهمة في مساعدة الناس على اكتشاف تميّزهم كأمة، وتوظيف هذا التميّز في خدمة البشرية جمعاء.

- لا أقصد أن أكون فظًّا سيدي، ولكن حاول أن تحافظ على واقعيتك وأبق قدميك على الأرض. لك كل الحق في أن تزهو فأنت أصبحت تمثّل فصلا مشهودا من التاريخ. لكنّ الغرور يستطيع بأكثر من طريقة أن يقتل صاحبه، فكن امتدادا لعمل المحبة والتسامح والتواضع الذي تجلّى في انتخابك.

- عندما تطغى عليك تعقيدات الأوضاع المطروحة أمامك، ذكر نفسك أن العقل ينتعش عندما يعقِّد الأمور. وأن القوانين الأساسية للحياة هي في جوهرها بسيطة. أضِف قدرا من صفاء البساطة على دفق النصائح التي ستتلقاها كلما خطوت خطوة في رحلتك الرئاسية. فالحياة أبسط مما يتراءى للعقل البشري.

- ثق بحدسك وحكمتك. فأنت، كمعظم الناس، تملك في أعماقك ما يكفي من النور لتميز الصواب من الخطأ. ولا تسمح للمعلومات المفرطة الناتجة عن الإسراف في التحليل أن تُغرق تفكيرك وتُربكه.

- تأكد أن تكون قراراتك إيجابية (Responsive) يحركها وضوح القصد والحكمة والرحمة والهدوء. ولا تكن قراراتك انفعالية(Reactive) مدفوعة بالكبرياء والعنف والتسرّع. فالبيت الأبيض ليس مدرسة أو حُجرة تُعدّ فيها الأبحاث والدراسات القيادية(Leadership Simulations) ؛ القرارات الخاطئة على المستوى الرئاسي غالباً ما تكون فادحة.

- لا تتخذ القرارات معتمداً على قلبك وحده. فللحكمة دور كبير، وكيفما دار الأمر، لا تُسلّم عقلك الزمام دون أن تشاركه الرحمة.

- عندما تواجهك معضلة إسأل نفسك كيف كنت سأقارب هذا الموضوع لو لم تكن أميركا الأغنى والأقوى في العالم. هذا سيغني خياراتك وسيجعلك تقدر اكثر حال معظم شعوب العالم وبخاصة الضعفاء والفقراء.

- أنشئ "مجلسًا استشاريًّا خياليًّا" من حكماء التاريخ، واسأل نفسك دائما قبل اتخاذ القرارات الكبيرة: ما هو القرار الجماعي الذي كانت لتتخذه لجنة استشارية تضم أمثال لنكولن، وروزفلت، وودرو ولسون، وتشرشل، ومانديلا، ومارتن لوثر كينغ، وغاندي؟ إنّ جميع رؤساء الدول يمكن أن يستفيدوا من الاستنارة بأمثال هذه المنارات من الحكمة والقيم العظيمة.

- قريبا جدا، سيبدأ العالم أجمع بتحميلك المسؤولية في استمرار الفوضى التي ما زالت تتوالد منذ دهور وعصور. وعلى الرغم من أن القيادة تقتضي الإصغاء إلى آلام الناس والتعاطف معهم بعمق، فإنها تتطلّب أيضاً تذكير الناس دائماً بأنّ الارتقاء إنما يكون عندما يملك كل إنسان زمام حياته، وعندها يؤدي دوره في إيجاد الحلول المناسبة لمشكلاته.

- إنه لمن حقّ الشعب الأميركي أن يتوقع جهودك لتحسين حياتهم. ولكني أرجو أن تتذكّر التزاماتك الأخلاقية والعملية تجاه سائر العالم. فأن كونك الأغنى والأقوى والأعلم يرتب عليك واجبات، لا سيما في عالم متداخل ومتكافل كعالمنا. إن صممت آذانك عن آلام العالم فإن هذا سيطارد رئاستك وأمتك. وكما أن العالم سيكون بخير إذا كانت الولايات المتحدة هنيئة، فإن أميركا أيضا ستعاني إذا كان العالم يبكي. كم أتمنى أن يقلَّ عدد الأعلام الأميركية التي تُحرَق على شاشات التلفزة خلال مدة رئاستك.

- أصغ إلى أعدائك وحاورهم تماماً كما تفعل مع أصدقائك وحلفائك، فأنت تحتاج إلى التواصل مع خصومك لتصنع السلام، وفي كلامهم تكمن حِكَم ثمينة.

- مهما كنت حسن النية ومتحمساً وبارعاً، فتقبّل أنك لن تستطيع حلّ معظم مشاكل وطنك، فكيف العالم. وما من رئيس يستطيع أن يفعل شيئًا من ذلك دون مشاركة الشعب مشاركة فعلية. الناس كثيرا ما يحتاجون إلى تذكيرهم بأن حلّ مشاكلهم في أيديهم هم. "نحن معاً نستطيع" أن نحل مشاكلنا (Yes WE can).

- سيدي الرئيس، قرّر منذ الآن كيف ترغب أن تُذكر واستفد من كل يوم لتشييد بناء تراثك.

- وما دام يُتوقّع منك أن تبذل كثيرا من وقتك في إدارة النزاعات وإخماد النيران، حاول أن تعالج مشكلة أو مشكلتين من المشاكل العالمية المزمنة التي تعصف بحاضر الإنسانية وتهدد مستقبلها. أما باقي التحديات، فإن مساهمتك الكبرى هي في استعمال سلطة منصبك لخلق الوعي العالمي (Global awareness) وتوجيه الإنسانية وحضها لكي تُعالج مسائلها المضطربة.

- لا ريب في أنّ التحدي الأعظم الذي يواجهك سيكون في تغيير الذهنية محليا وعالميا. فالعواصف المالية والبيئية والأخلاقية والارتجاجات العنيفة التي تجتاح العالم إنما هي انعكاس محض للمبادئ العليلة التي توجه السلوك البشري. ورغم أنّ صالح الانسانية هو مسؤولية كل إنسان، لكنك أنت في الموقع الذي يخولك أن تجعل العالم كله، وليس حكامه فحسب، يتبصّر في مسار حياته والمصير الذي ينتظره.

سيدي الرئيس، إن هذه الرسالة المتواضعة قد لا تضيف شيئا من التبصّر إلى حكمتك ورؤيتك. ومع ذلك، فإنني آمل أن تكون قد دعمتها. وأتمنى أن يكون عهدك بركة على الإنسانية جمعاء. أعرف أنك لا تستطيع أن تداوي العالم، فجهود الأنبياء والقديسين لم تحقق ذلك. لكن حاول أن تكون صوتا صارخا للضمير والأمل، واسع كي تخفف بعضا من الآلام الكثيرة غير المبررة التي تكابدها أشكال الحياة كلها، لا الانسانية وحدها.

إنّه لعالم رائع الجمال هذا الذي يمكنك أن تراه ملخّصا في زهور حديقة بيتك الأبيض وعلى وجوه أطفالك كلما تبسموا. إنه عالم لجدير بالتضحيات: أجل، إنك تستطيع (Yes YOU can) .

تحياتي الطيبة،

مايكل كولي

Michael Kouly

January 20, 2009

(michael.kouly@post.harvard.edu)

Wednesday, August 6, 2008

هل حقاً نستطيع أن نعيش سوياً؟


هل حقاً نستطيع أن نعيش سوياً؟


بقلم: مايكل كولي*

والشيخ ابراهيم رمضان

*(الكاتب رئيس سابق لرويترز الشرق الأوسط ومتخصص في القيادة الأستراتيجية من جامعتي هارفرد وبرنستون الأمريكيتين. للتعليق: Michael.kouly@post.harvard.edu)

"الشيعة باطنيون"، "السنة اتباع السلطة"، "الدروز غدّارون"، "المسلمون دمويّون"، "المسيحيون كافرون يعبدون الخشبة... وفاسقون"... هذه عينة من أقوال شائعة تتردد في أنحاء العالم، يلجأ إليها أعضاء في مجموعات دينية ومذهبية ليذم واحدهما الآخر، وتعكس جزء من الثقافة الشعبية في موضوع النظرة الى "الآخر". واللافت في هذه الثقافة، عدا كونها بالطبع غير دقيقة او موضوعية او لائقة، أنها تبحث عن اهانة الآخر، حتى لو أعوزها ذلك إلى تَعمية التعميم، وتبني معلومات غير ثابتة كما هي الحال في اغلب المعارف الشعبية التي لا تخضع لحاكمية المناهج العلمية ونقدها. ومع ذلك فهي تبقى جديرة بالدرس والاهتمام، ليس لتكون مصدرًا للمعلومات التي تسوقها، ولكن لكونها تفصح عن دخائل النفوس وحقيقة المشاعر إذ هي خلاصة لموروث تاريخي طويل، وانعكاس صادق وغير مهذّب لأفكار المجتمع وميوله.

الأفرقاء المسيحيون والمسلمون والدروز واليهود والهندوس والبوذيون، على إختلاف مذاهبهم، هم من وجهة ما، اطرف في نزاع تاريخي، تجسد على مدى مئات السنين بحروب طويلة ودموية. وقد نمى على هامش هذا الصراع وامثاله نظريات كثيرة في التاريخ والاجتماع، ليس آخرها نظرية صراع الحضارات الذي يشمل بعناوينه العريضة المسيحية والأسلام واليهودية والهندوسية والبوذية. وجدير بالتنبه أن هذا الصراع، وإن كان واحدًا من الصراعات الحادة والمؤثرة بشكل كبير على واقع البشرية ومستقبلها، إلا أنه لا يُلخص الصراعات التي يشهدها العالم، لا من حيث الإيدولوجيا ولا من حيث التاريخ ولا من حيث الديموغرافيا. فالنزاعات والصراعات سبقت اختلاف الأديان، والعالم انقسم أديانًا ومذاهب كثيرة، ناهيك عن الانقسامات العرقية والفكرية والطبقية والمناطقية وسوى ذلك. لذا فإن دراسة النزاعات لا ينبغي أن تنحصر في وجهة نظر تقصره على صراعات بعينها كالتي بين الطوائف او المذاهب او الأعراق او الأوطان او الأثنيات او الطبقات الأجتماعية او التيارات الفكرية، ولو كان اشتعالها يحيط بنا ويكوي أجسادنا. ولا بد من انطلاق النظرة عبر دراسة اعمق تصل الى مفهومي "الأنا" و"الآخر" الأساسيين في العلاقات البشرية، وليست المحاولات التي ضاعت في زواريب الانتماء للأفكار أو في متاهات الأمكنة، بين أديان وأيدولوجيات أو بين شرق وغرب، إلا سعي دون بوصلة أو دليل، أما البحث المجدي هو الذي ينطلق من فهم دقيق للمقابلة بين "الأنا" و"الآخر"، على اعتبار ان الفرد اساس المجموعة، والولوج من خلال ذلك لفهم الهوية وتشكلها وتصادمها.

فلقد اعتاد الناس أن يُعرِّفوا عن أنفسهم بانتماءاتهم، فتارة يعرفون بالجنسية والقومية، وتارة بالدين والمذهبية، والمشترك في هذه التعريفات أنها تنطلق في الجوهر من ولاء الإنسان لتشكل مجموعته او مجموعاته في مقابل الآخرين.

وفيما تكشف هذه التعريفات عن كيفية نشوء الهوية، تدفعنا المشاعر السلبية التي تبرز في الكلام المتداول همسًا عن "الآخر" للتساؤل عن إمكانية العيش سويًا، بل إن مشاهدة نشرة إخبارية واحدة كفيلة بأن يتبادر هذا السؤال: هل حقًّا نستطيع أن نعيش سويًا؟ إلى الواجهة، ليطرح نفسه كأحد أبرز أسئلة القرن الحادي والعشرين، ويضع المجتمع البشري أمام تحدٍّ كبير يتهدّد وجوده واستقراره، ويستفز عقلاء الناس ليبذلوا جهدهم إجابةً أو تأثيرًا على الجواب.

وفي محاولة الإجابة يتفرق الباحثون، وينقسم الدارسون بين من يرى أن لا إمكانية البتة ليعيش الناس "المختلفون" سويًّا، بعد أن فرّقت بينهم الانتماءات، وباعدت تراكمات أحقاد التاريخ من عداوات وثأر بينهم. ويرى هذا الفريق أن مجرد طرح هذا السؤال دليل على صعوبة العيش سويًّا، فالمجتمعات لم تنسَ رغم كل الأزمنة التي تراخت، ما قاسته من جراء التحارب، كما احتفظ كل فريق بروايته الخاصة الكاملة والمفصلة للأحداث، بحيث تظهر روايته بما لا يدع مجالاً للشك، كم ظُلمَ واضطُهدَ، وكم كان الطرف "الآخر" مجرمًا ووحشيًّا وظالمًا، وكيف أن ثقافة "الآخر" لن تردعه عن إعادة الظلم، إن لم نقل سوف تشجعه على ذلك عندما تسمح له الظروف.

ويسرد هذا الفريق من أخبار الماضي والحاضر ما يؤكد صدق ظنه ورجاحة مذهبه، فالحروب تتجدد بشكل وحشي في أماكن عدة من العالم إن كان في أفريقيا الغارقة في سواد الفقر والجهالة، أو في آسيا النامية، او في الشرق الأوسط الغارق في النفط والدم، أو في أوربا الرافلة في ثوب المدنيّة المزركش، أو في أمريكا التي لم ينسَ التاريخ كيف أفنى فيها الرجل الأبيض السكان الأصليين، ثم استقدم السود لأستعبادهم. وتحت وطأة ما ذكر فإن هذا الفريق يرى أن تكرار محاولات العيش مع الآخر لن يؤدي إلا لمزيد من الآلام والمذابح، وقد رأينا ما حصل ويحصل في لبنان، والبلقان، روندا، والبوسنة، وكوسوفو، ونيويورك والعراق... فلو كان في التاريخ امثولة فهي انه على كل مجموعة ان تعيش لوحدها لتقليل الأحتكاك السلبي "بالأخرين" "الغرباء".

وعلى الجهة الأخرى ينادي فريق آخر من الباحثين بهذا العيش، ويأمل في نجاح هذه التجارب، وهو يقرأ في صفحات مشرقة من كتب التاريخ، أثبت فيه الإنسان أن تعاطفه مع أخيه الإنسان أقوى من أصوات الفرقة والاختلاف، ومن الإيديولوجيات الداعية إلى احتقار الآخر وعدم الثقة به. ويطيب لهؤلاء أن يتغنوا بالفلسفة الإغريقية التي وضعت حجراً أساسياً في مفاهيم الديموقراطية وبناء دولة المؤسسات، وبالمحبة المسيحية التي وسعت الأعداء وغفرت أذاهم وباركتهم، وبالرحمة الإسلامية التي فتحت أبواب المعرفة على مصارعها حين قبلت الآخر في ثقافته وعلومه فتشكلت فيسفاء المجتمع الأندلسي. وهم يستندون على هذا ليقولوا إن الإنسان أخو الإنسان ولا اكتمال له إلا به، وإن قبول الآخر والتكامل معه مصير حتمي سوف يختم المسيرة البشرية التي ابتدأت من نفس واحدة.

وهناك رأي في الوسط يرى أنه من الخطأ إهمال أحد الرأيين، إذ في كليهما الصواب، ولذا فإن تعايش المجموعات المختلفة على مقربة ودون حدود مادية او معنوية او بدون وجود سلطة حاوية ومنظمة (Holding Environment) ومتوافق عليها أشبه بوضع النار أمام البارود، كما أن فكرة استغناء فريق من الشعوب عن "الآخر" وانعزاله عنه فكرة غير مجدية، لذا فإنه من الأفضل أن تعيش الشعوب المختلفة والمتصارعة في بيئات متجاورة بأقل حد ممكن من التداخل الغير منظم، ويكون التفاعل بينها مضبوطًا عبر القوانين والأعراف والمؤسسات العامة والخاصة والجمعيات الثقافية والفنية والرياضية و الأجتماعية، ويتنامى هذا التفاعل بروابط من أهمها العلاقات الاقتصادية والتجارية، حتى تصل إلى حال من التوازن يسمح بشيء من التقارب التدريجي على طريق الاندماج الكلي، في بعض الحالات إذا امكن، ويستند أصحاب هذا الرأي إلى التجربة الأوربية التي قطعت شوطًا كبيرًا في هذا مضمار جمع المتصارعين ولكنها أخفقت عندما بالغت بالطموح فتسرّعت بالخُطى نحو الدستور الموحد، حيث أصرت بعض الشعوب على الاحتفاظ بخصوصياتها فأسقطت هذا الخيار، وهذا ما يظهر التناقضات الظاهرة في حركة الشعوب نحو الإندماج او التباعد، ففي حين تبني أوربا اقتصادها الموحد وسوقها المشترك، تسعى دول البلقان نحو الاستقلالية والتحرر، وتعجز الدول العربية عن أن تجمع ما تفرق ولو تحت عناوين متواضعة، وتنجرف المكونات اللبنانية نحو مزيد من الانقسامات والتشرذم.

وللتعمق أكثر في الإجابة لا بد من الإطلال بشكل أوسع على مفهوم "الأنا" و"الآخر"، وعليه: فالإنسان هو عبارة عن مجموع "الأصوات" التي يتردد رجعها في النفس، وهي تحدد انتماءه للأشخاص، والمجموعات، الذين اعتمد عليهم لتأمين قوته وحمايته وبالتالي وجوده، وهو في مقابل ذلك يدين لهم بالولاء الذي يضمن الأستمرار، على رأي المثل العامي: "الذي يأكل من خبز السلطان، عليه أن يحارب بسيفه". ونتيجة لذلك فإن الإنسان هو مجموعة من الولاءات لأركان البيئة التي احتضنته من أم وأب وأخوة وأقارب ومجتمع ودين ومذهب وثقافة، وهو تقريبًا مسير بهذه الولاءات، وقلما تسنح له الظروف أن يتخذ قرارًا ذاتيًّا أو مستقلاً عن هذه "الأصوات" خوفا من ان يٌعزل من قبل مجموعته الحامية والراعية فيندثر، إلا إذا وجد بيئة بديلة تؤمّن استمراره بشكل افضل، وليس خافيًا أن نظرة الإنسان "للآخر" تعتمد بشكل تام على هذا الموروث، فبالرغم من أن "الآخر" مماثل في آلية نشوء الهوية و الكينونة، بمعنى أن "الآخر" هو "الأنا" ولكن بولاءات مختلفة أملتها عليه بيئته الحاضنة، فإن النظرة إلى "الآخر" تعتمد على الوعي الجماعي وموروثاته، ومن خلال هذا الوعي ينصبغ "الآخر"، والوعي الجماعي ينظر إلى "الآخر" بمعيار واحد وهو مدى خطورته وإلى أي حد يمكن اعتباره عاملاً مساعدًا أو مهددًا للوجود؟ بعبارة أخرى إن النظرة "للآخر" تعتمد على دينامكية العلاقة بين ولاءاتنا بكل ما تشمله من أفكار واهتمامات واختيارات من جهة، وبين ولاءات "الآخر" من جهة أخرى. ما يؤكد أن موضوع تقبل "الآخر" أو رفضه ليس موضوعًا ذاتيًّا أو شخصيًّا، لا من حيث "الأنا" ولا من حيث "الآخر"، وأن جوهر القضية هو هل ما نمثله يستطيع أن يعيش مع ما يمثله "الآخر"؟ وبتعبير توضيحي مبسّط جداً، ان كل فرد يمثّل شريط تسجيل مطابق للآخر من حيث المكونات والصنع ولكن كل شريط يحمل الحان مختلفة عن تلك التي يحملها "الآخر" سجلتها غالباً من دون إذن البيئة التي احتضنته. لذلك فان الصراعات ليست في الجوهر بين الأفراد بل هي بين "الألحان" المختلفة التي يحملونها اي بين البيئات والأرث والقيم التي يمثّلون.

من نافلة القول إن هذه الولاءات التي نحملها هي مركَََّبة يتقدم بعض جوانبها على بعض أو يتأخر بحسب الظروف، وإن الجانب المهدد من الشخصية والموروث هو الذي يحتل الأهمية ويصبح أكثر حساسية من غيره، وبالتالي فإن ما يتردد من أن "الآخر" هو المختلف في الدين سببه استشعار الخطر على هذا المكوّن الأساسي في الشخصية والهوية، وأن تراجع هذا الخطر سوف يبرز بالتأكيد جانبًا آخر في الهوية يكون هو محور الاختلاف والبعد المُشكِّل لمفهوم "النحن" و"الآخر". فمسيحيو مصر نظروا إلى البريطاني أنه عدو محتل، دون أن يعتبروا اتفاقهم معه في الدين، فانحازوا إلى الشريك المسلم في القومية والوطنية، لأن المكون المهدد كان القومية والجنسية، وكذلك المسلمون في العالم العربي تحالفوا مع بني قومهم من المسيحيين، فاستعانوا بالبريطاني على العنصر التركي، الذي يشترك معهم في الدين، عندما كان المكون المهدد هو القومية واللسان والوطن. هذا ولا سيما وأن مفهوم "الآخر" سبق الخلافات الدينية، حتى كانت هذه الجدلية بين "الأنا والآخر" حكاية التاريخ، حيث القصص التي يتغير أبطالها وتتكرر أحداثها، فمن قايين وهابيل بحسب الأرث الديني إلى يوم الناس هذا، والاختلاف يأخذ في كل مرة شكلاً جديدًا أو قديمًا، من دين وعرق ولون وجنسية وقومية ومناطقية وطبقية ...

لقد شكّل مفهوم "الآخر" جانبًا أساسيًّا في جوهر الوجود الإنساني، ولم يكن تشكل هذا الاختلاف سوى تظهير له في وجوه متعددة، أما جوهر "الآخر" فقد سبق الديانات وغاص أعمق من الحضارات والفلسفات، وهل اختلف قايين مع أخيه في الديانة، أم أن الحضارة التي تملكتهما كانت مختلفة؟.

قصص التاريخ المكررة هي عبارة عن نجاحات وإخفاقات في العيش مع "الآخر"، وهكذا ستظل حال البشرية، طالما بقي الإنسان خائفًا على حياته وهمه التمسّك بها، وطالما بقي التمايز بين الناس يطل في كل مرة بقِناعات مختلقة، وقَناعات مختلفة.

هل حقًّا نستطيع ان نعيش سوياً بسلام؟ الجواب: هذا يعتمد! (It depends). فمن الرقي أن يصل الإنسان إلى حالة من الانسجام مع الذات بحيث يرى أن الجانب المشترك مع بني جنسه أكبر بكثير من جوانب الاختلاف، ولكن في ظل الخوف والقلق الموروث فإنه سيكون من الصعب الوصول إلى مثل هذا السمو، ويبدو أن بلوغ هذه الرؤية سيبقى محصورًا على الأفراد اكثر من المجموعات، إذاك فإنه من المقبول أن يتوجه السعي الإنساني لإنتاج حالة من العيش مع "الآخر" ضمن ضوابط التعاون للبقاء والنمو، وهذه الحالة لا يُشترط فيها أن تكون خالية من الصراع والتنافس، ولكن المطلوب أن يكون هذا الصراع خادمًا للوجود وليس قاضيًا عليه.

فالصراع سمة الوجود ولا حياة دون صراع، أقله مع الموت وما يمثله من مرض وخوف وخطر وتقهقر، ولكن التحدي هو كيف يمكن أن يُدار هذا الصراع لحصر الأذى وللحصول على أكبر قدر ممكن من التعاون والتكامل. والإنسان لن يستطيع أن يبقى أو ينمو دون "الآخر" أو بمعزل عنه، بل إن وجود الإنسان اعتمد على "الآخر"، وتعاون معه لتأمين الكلأ والأمان. والمجتمعات بُنيت على إقامة العلاقات مع "الآخر"، بحيث يبقى الصراع في حجم غير مدمر، وتكون حدّته مقبولة، وقد ابتكرت المجتمعات لهذا آليات، لا بد أولاً لنجاحها من أن تكون مجموعة الولاءات داخل المنظومة قابلة للتعايش بحيث تكون حدة التضارب بينها مقبولة، وألا يحمل أفراد المجتمع إرثًا ثقيلاً من الخصومات والعداوات تصعب ادارته ويستنفذ معظم الطاقات.

كما يجب الاتفاق على شريعة واحدة (دستور، ميثاق، عرف او تقليد) تكون عبارة عن مجموعة قيم مشتركة وآليات يُسلّم بها سائر أفراد المنظومة ومجموعاتها، وتقوم السلطة المختارة بحماية هذه القيم والآليات من حيث العمل على تطبيقها وصيانتها، بحيث تشكل هذه القيمُ القوانينَ والأعرافَ التي يُجمع عليها سائر مكوِّنات المنظومة. ولا يمكن أن تقوم علاقة بين "الأنا" وبين "الآخر" إلا عبر الثالوث الذي يضمّهما، اعني القيَّم المشتركة. وبهذا يتشكل المثلث الثابت الذي يمكن أن يُبنى عليه العيش المتكامل، لأن "الأنا" "والآخر" دون القيم الحاكمة والمتفق عليها سيكونان وحشين كاسرين لا يمكن ضبط طريقة تعاملهما أو توقّعها.

من صلب العمل القيادي تأمين البيئة التي تحتضن المختلفين، وتعزيز القيم الإنسانية التي تخفف من حدة الصراع، والعمل على صيانتها من العوامل التي ستتعرض لها باستمرار، كما من واجباته تحسين واقع البيئة الحاوية من خلال تطوير القيم بحيث يُستثمر التعامل بين الأفراد بشكل أفضل وفائدة أكبر.

وإلى حين نجاح العمل القيادي في تأمين هذه البيئة والعمل على صيانتها، فلا قلق من ازدياد عدد وتنوّع سكان الأرض، ولكن القلق كل القلق من تناقص هذا العدد بتنوّعه المغني والمبدع نتيجة للصراعات التي لا يمكن إيقافها أو السيطرة عليها إلا بترسيخ القيم الموحّدة. وهذا هو التحدي المستمر للعمل القيادي بل للبشرية.

August 06, 2008

Michael Kouly

Wednesday, July 2, 2008

Letter to the President...

Letter to the President...

President Michel Suleiman,

Presidential Palace,

Baabda, Lebanon June 5, 2008

Dear Mr. President,

Congratulations on assuming a presidential responsibility. It is always an honor to serve society, especially in removing its unnecessary pains. You have just shouldered a heavy burden that will demand every possible support, because in the context of the conflict in Lebanon, your success would mean saving lives and your failure would result in further devastation of your country and in more wars.

Allow me first to thank you for your email and kind remarks on my earlier article titled “President Suleiman is not the savior”. As a scholar of leadership, it is fitting to share with you some perspectives on the leadership lessons that emerged from the recent chain of crises in Lebanon. With your permission, I would suggest to you the following:

EXPECTATIONS

- Accept the difficult reality that Lebanon’s core problems can only be managed, not cured. Lebanon is a country with huge structural challenges that are the making of the growing baggage of many centuries of history.

- Do not promise yourself to deal with all the problems of Lebanon during your next six years as president. Furthermore, do not allow your enthusiasm about serving your country make you commit to unrealistic promises to your people that would eventually lead to disappointments and loss of the credibility of your presidential term. While it is your duty to always provide your people with hope for a better future, leadership demands that you be realistic in your interpretation and presentation of your country’s problems. It asks that you, and the nation, be fair in the expectations from the role that you, or any president, can play given the complexity of the situation and the lack of sufficient preparedness of the people to truly participate in building a functional country.

- Reject propositions to assess your performance based on the like of the First-100-Days record model. Lebanon’s grave dysfunctional condition and your lack of appropriate formal and informal authority will limit your capacity to create on your own and in the short term a major fundamental change.

- Your next six-year term, like that of your predecessors, will be mostly about leading in times of consecutive and multiple crises. This is due to the nature of the country, the Middle East and the current world order. Your presidential term should be considered a leadership success if you managed to stabilize the country and help it put in place just some, not many, solutions to its core structural problems so that it would not recreate its cycles of destructive conflicts. Unfortunately, Lebanon is an example of the sad chapters of history that repeat themselves because people fail to learn. Encourage your people to learn.

RESPONSIBILITY

- Consistently help the Lebanese understand that rescuing their country is primarily their collective responsibility and not just yours or anybody else’s. Tell them to stop the blame game and that the laws of life state that they will reap what they plant. Actively engage them in the duty of healing the wounds that they have inflicted upon each other. Beware now that you are the top authority figure of Lebanon, troubled Lebanese will pin high hopes on you as their new “hero” who will make their dream of a peaceful and prosperous Lebanon come true while they go on with their dysfunctional patterns of behaviors. They will use tricks of seduction, plea, blackmail and threat to pull you into this role, or shall I say trap. While this is a natural social behavior, it remains a classic avoidance mechanism that society uses to relieve itself from responsibility for its actions that contributed to its problems. Society will also seek to free itself from accepting its obligation to change its values and adopt a new mindset that is required to successfully deal with its issues. Leadership in such a case implies that people are frequently reminded that their salvation is in their own hands and that progress demands that every citizen and entity, whether religious, civic, public, economic or political, play its active role in creating a common good. (I see in the Lebanese press that people have already started asking you to perform the miracles of cleaning decades of their mess. I suggest that you reply to such demands with the words of President John Kennedy who interestingly quoted Lebanon’s Gibran Khalil Gibran: Ask not what your country can do for you. Ask what you can do for your country).

- Avoid the mistakes of your predecessors who thought that they could change the political nature of Lebanon during their presidential terms just because they had some authority. Lebanon has been, still is and will remain for the long foreseeable future a sectarian country. In fact, Lebanon was created to fulfill sectarian purposes by preserving the relative existence and freedom of some religions minorities in one of the most religiously tensed regions of the world. Failing to accept this reality or even the fact that your own presidential position is part of a delicately balanced process of distribution of power between these sects will paralyze your role and add to the problems of the country.

- While you have pledged to protect and enforce the written laws of your country, keep in mind that protecting the unwritten rules, norms and traditions is equally important for the stability of any society.

HOLDING STEADY

- The new constitution of Lebanon has taken from your position much of its executive power. The formal state authority is already eroded by the power of the sectarian authorities. However, great leadership can still be exercised with little or even no authority at all. Furthermore, there are many forms of authority that you could use as leadership tools. On top of the formal power that you have now, your term is starting with wide local, regional and international support. Guard this political capital well and keep enriching it because it will add to your actual authority and increase your margin of effectiveness. Most of all, use the goodwill of your good personal reputation and further empower yourself by becoming a moral and civic authority that represents the values that all Lebanese, especially the new generations, aspire to (we could discuss this point with more depth in the future).

- Differentiate between technical problems and their technical solutions on one hand and between core problems and their core solutions on the other hand. It is common that problems are misdiagnosed and technical solutions are applied to core problems that require deep change of public values, patterns of behavior, mindset and loyalties. The plight of Lebanon has continued since the creation of the country mainly because most of the internal agreements that were made, including the recent one in Qatar, were short term technical fixes that failed to deal with the structural problems of the system.

- Recreate the role for the presidency of Lebanon based on the costly lessons that emerged during the past few years in the country, the Middle East and the world.

- Restore the image and the reputation of the office of the presidency that has been damaged over the past few years. While it is a personal virtue to be humble, stability requires that society feels that it has a true “presidential palace” with the glory it represents. The better power is projected the more it is effective and the less it is used.

- Shield yourself from the psychological dangers that come with being a symbol of authority. History is full of examples of good people whose judgment and sense of reality was disrupted by the trap of power. Take your role, not yourself, seriously. You will now have many more “friends” and receive more “compliments” than humbleness can tolerate. Remember that most compliments are meant to serve as any entry visas to the world of resources that your new role controls. They are not about you. The same applied with enemies and criticism. Guard your inner self by remembering that all the positive and negative dynamics with you are related to your role as president and not as Michel Suleiman the person.

- You will not be able to carry your burden alone. Surround yourself with people of the highest intellectual and moral standing (no political or financial agenda) and do what your mind, heart and conscious say is right.

- Take good care of yourself and of your inner goodness.

Sincerely yours,


Michael Kouly

Beirut, Lebanon

(Michael.Kouly@post.Harvard.edu)