Tuesday, May 13, 2008

غيروا لبنان قليلاً حتى لا يتغير كثيرًا

غيروا لبنان قليلاً حتى لا يتغير كثيرًا

بقلم: مايكل كولي

(الكاتب رئيس سابق لرويترز الشرق الأوسط ومتخصص في القيادة الأستراتيجية من جامعتي هارفرد وبرنستون الأمريكيتين. للتعليق: Michael.kouly@post.harvard.edu)

هل اللبنانيون حمقى؟ يطرح معي هذا السؤال من راقب الوضع اللبناني وقارب ان يموت همّاً خلال العقود الثلاثة الماضية التي شهدت إندلاع وتفاقم واستمرار الحروب والأزمات في لبنان ليجد أنه يُشبه حال بَنَّاء يُجِدّ في إنشاء بيت، وقبل ان يكتمل البناء ينهار ما بناه عند مراحل معيّنة. ثم يُعيد الكرة مرات، وفي كل مرة ينهدم ما يبنيه عند المراحل عينها، دون أن يدفعه ذلك إلى البحث الجدي عن حقيقة سبب هذه "المصادفة" أو إلى العمل الحثيث على تجنبها. ويذكرنا هذا بتعريف آينشتاين للحماقة "إنها تكرار الفعل عينه مع توقّع نتائج مختلفة!".

وحتى يصار إلى تجنب هذه الصورة النصف-كاريكتورية لا بد من ملاحظة أن مشروع لبنان لا يزال يتعثر منذ عقود عند النقاط الجوهرية والتأسيسية ذاتها، وكأن الساعين لتحقيقه يدورون في حلقة مفرغة. كما لا بد من التعمق في البحث عن أسباب هذا التعثر بواقعية وشجاعة وخاصة مع تكرار العودة إلى الأقتتال الداخلي. فمع كل جولة دمار جديدة يظهر أن لبنان قد تأخر كثيراًََ بالأعتراف العلني والجماعي بأن منظومته قد فشلت بشكل ذريع جداً منذ نشأتها في توفير حياة كريمة لأبنائها وإنها مختلّة وظيفيّاdysfunctional وإن إيجاد منظومة جديدة فاعلة وظيفيّا functional سيجنّب الكثير من الألم والفرص الضائعة على البلاد والعباد. لقد جرّب لبنان لعقود، ولا يزال، مبدأ الإندماج القسري والمتسرّع لمجموعاته الغير متجانسة التي ما لبثت ان تنافرت وتناحرت في حين ان القوانين الطبيعية للعلاقات البشرية، وخاصة بين المجموعات المتنازعة، تحبذ الأتحاد الطوعي والتدرجي والمدروس لإنتاج لُحمة متينة وفاعلة ومنيعة. وعليه فقد أعاقت التجربة اللبنانية أسباب جوهرية سبقت النشأة والاستقلال وأسباب تلتها ورافقتها حتى الآن. أما بعض الأسباب الأساسية التي سبقت نشأة الجمهورية اللبنانية فمنها:

1. ارث الصراعات التاريخية: عرفت المجموعات اللبنانية غير المتجانسة قروناًًً من الصراعات العنيفة بين بعضها البعض، ما أنتج ثقافة راسخة، ما زالت مستمرة، من انعدام الثقة والنظر إلى الآخر بعين الارتياب، مما عوّق اتفاق اللبنانيين لاحقاًََ.

2. قصر الفترة الانتقالية (Transition): لقد كانت المرحلة التي انتقلت فيها المجموعات اللبنانية من التابعية العثمانية إلى مشروع انصهار وطني قصيرة جدًا، مقارنة بالوقت الطبيعي الذي تحتاجه هذه المجموعات المتنافرة للتجاوز الحقيقي لحال انعدام الثقة بينها، والاتفاق على مشروع وطن واحد وفكرته الاندماجية. وبالأخص الأجزاء التي كانت خارج المتصرفية، والتي شكلت جزءًا كبيرًا من دولة لبنان. فبعد أن كانت هذه الأجزاء تتبع ولايات مختلفة ضمن دولة عثمانية كبيرة، وجد أهلها أنفسهم، وبشكل سريع ومفاجئ تقريباًً، ينتقلون من انتمائهم إلى مجموعة إقليمية واسعة مسلمة ظلوا جزءًا منها ما يزيد عن ألف عام، لينتموا إلى مجموعة صغيرة "لبنانية"لم يكتمل نظامها، وتحكمها أقلية أقليمية مسيحية، مما تسبب بتشوش واضطراب في النسيج اللبناني. في حين أن التجارب الأندماجية التي نجحت في العالم تطلبت أجيالاً لتكتمل وتستقر.

3. تنازع المرجعيات على السلطة: طُلب من المجموعات اللبنانية التخلي عن مرجعياتها الإقليمية عثمانيةً وأوروبيةً لصالح سلطة الدولة الحديثة التي لم تثبت جدارتها بعد ولم تكن كذلك محل إجماع أو توافق عميق ولا تأسست الثقة بها بعد. هذا الاستبدال الجذري والسريع في التبعية للسلطة، والذي يشبه تخلي الأطفال عن الأهل لصالح أهل جدد، ولّد حرجًا عظيمًا كما جعل الاحتكاك بين الزعامات الداخلية أكثر حدة بسبب التنافس على النفوذ الجديد في منظومة السلطة المستحدثة. بكلام آخر لقد تطلب الكيان الجديد نقل الولاء بشكل سريع إلى مرجعية داخلية، هي الدولة اللبنانية التي لم تترسخ الثقة فيها بعد، كما تطلب أيضًا تعاون الأعداء التاريخيين لتكوين سلطة مرجعية وطنية موّحدة لسائر المجموعات اللبنانية. وهذا مطلب بالغ الطموح حتى في المجتمعات المتجانسة فما بالك في المجتمعات المتنافرة تاريخيا.

4. معاكسة الطبيعة السياسية: شكلت التجربة اللبنانية عند تأسيسها تحديًا للطبيعة السياسية في المنطقة في كون رأس السلطة مسيحي. فمع الوجاهة الواضحة لأسباب توافق اللبنانيين على أن يكون الرئيس مسيحيًّا في كيان شكل المسيحيين فيه الأكثرية عند نشأته، إلا أن هذا المنحى أتى معاكسًا لمسار "الطبيعة" في المحيط المسلم، الأمر الذي زاد حالة التوتر الداخلي والتدخل الخارجي. لا سيما وأن الشرق الطائفي والمذهبي بامتياز لم يتقبل بسهولة أن يكون للأقلية المسيحية بلد متنوّع يتولون فيه الموقع الأول في الرئاسة، بينما تتولى الطائفة التي تشكل الأكثرية في الشرق المرتبة الثانية والثالثة في هذا البلد.

وأما الأسباب التي رافقت التجربة منذ الاستقلال حتى الآن فمنها:

1. إهمال تقدير ومعالجة الأسباب السابقة: شكلت الأسباب السابقة الذكر نقاط ضغط هائلة على التجربة اللبنانية. وبدلاً من العمل القيادي على احتوائها والسعي الدؤوب للحد من انعكاساتها ونتائجها، جرى إهمالها او عولجت بشكل سطحي وتقني، وتُرك ما في نفوس اللبنانيين ليتفاعل ويزداد، فكان لكل مجموعة هواجسها وتطلعاتها التي لا تتفق مع سائر المجموعات، بل إنها قد تتناقض في كثير من الأحيان معها، ما زاد التباعد بين المجموعات اللبنانية، فتقاذفت هذه المجموعات التهم ودرجت مصطلحات مثل: المارونية السياسية، الغَبن، المحرومون. المسلمون يتهمون المسيحين بالسيطرة على الدولة والاستئثار بالسلطة، بينما يتهم المسيحيون المسلمين بأنهم لا يؤمنون بلبنان، وأنهم دائمو التطلع إلى وحدة قومية أو دينية او مذهبية، تُعيد المسيحيين أقلية مضطهدة من جديد في موطنهم التاريخي، والشيعة يتهمون السنة والمسيحيين بحرمانهم الحق في المشاركة المتوازنة في الحكم.

2. التيارات الفكرية: هبت على المنطقة مع انقضاء النصف الأول من القرن العشرين تيارات فكرية كانت بمثابة عواصف عاتية، أقلقت الكيان وأصحاب السلطة. من هذه التيارات ما هو ديني، ومنها ما هو عقدي، ومنها ما هو قومي. وكان لبنان أحد أضعف المناطق، وبالتالي فإن الاستقطاب الحاصل حول هذه التيارات أضعف الانتماء اللبناني والذي كان هشاً أصلاً.

3. ديموقراطية الفوضى: حصَّنت دول المنطقة نفسها من التيارات الفكرية والحركات الثورية بواسطة القوى العسكرية والدكتاتوريات والقمع، فيما كان التحدي الأكبر أمام لبنان أن يتفاعل مع كل هذه التناقضات والتيارات مع الحفاظ على ميزته الأساس والتمسّك بقيم الديموقراطية والحرية، ما زاد الأمر صعوبة وخلق فوضى سمحت بتفاقم الصراعات الداخلية من دون وجود لدولة ومؤسسات قوية ضابطة للصراعات.

4. الصدامات الدموية: وصلت الصراعات بين المجموعات اللبنانية إلى حدٍّ لم تعرفه قبلاً في تاريخها المشترك. وكانت الحرب الأهلية الطويلة الأخيرة والمستمرة وذات الصبغة الطائفية والمذهبية أقسى وأمرّ بكثير من الأرث المؤلم ما قبل الاستقلال، ما زاد الهوّة بين اللبنانيين وقطّع سبل التواصل. والمؤسف ان اشتداد التوتر بين المجموعات اللبنانية غالباًََ ما يأخذ منحى دموياً، كما حصل مؤخراً، مما يعمّق الجراح التاريخية ويضعف امكانات التلاحم.

5. العوامل الخارجية: مع تفلّت الأمور تُرجمت الضغوط الخارجية على المنظومة اللبنانية ذات الطبيعة "الغريبة" عن المحيط إلى تدخلات مباشرة، من خلال وجود فعلي لجيوش هذه الدول، أو مسلحيها ومحازبيها. وانضاف هذا إلى التدخلات السياسية والاقتصادية، ما جعل الأمور في أحيان كثيرة خارجة عن يد اللبنانيين. وتعززت الولاءات الخارجية التي تحوّلت مع الوقت إلى ارتباطات عضوية عميقة بحيث أمست مشكلة الولاءات للخارج التي يعاني منها لبنان الآن أعقد من تلك التي عرفها قبل وإبّان الاستقلال. هذا بالأضافة طبعاً الى الإرتدادات المستمرة لتشكيل دولة اسرائيل منذ ستون عاما.

ولكن كيف تعامل اللبنانيون المعاصرون مع هذا الواقع؟

أن أبرز المعالجات الحديثة التي قام بها اللبنانيون للخروج من الواقع المعقد تمثلت في اتفاق الطائف الذي شكل محاولة سطحية ومرحلية لإنهاء الصراع العسكري في بداية التسعينات، وإعادة توزيع السلطة بطريقة تحظى بدعم شعبي مقبول، وتقديم فرصة في الاستمرار والنجاح من خلال إقناع الأطراف المتنازعة بالتوافق على صيغة دستور معدّلة، ليتجاوزوا نظريات الاستئثار والحرمان والغَبن والهواجس.

إلا أن هذه المحاولة بقيت تقنية وتجاهلت العديد من العوامل المذكورة اعلاه وبالتالي وئدت في مهدها مع اغتيال رئيس الطائف وانصياع فريق كبير من السياسيين، خوفًا وطمعًا، لتدخلات القوى الخارجية التي ساهمت في تعزيز الهواجس والاتهامات وإبقائها حاضرة في أذهان اللبنانيين وفي قاموسهم السياسي اليومي.

بعد عرض هذه الأسباب التي أفشلت الجهود، يبدو أن المحاولة اليوم باتت أصعب مع عودة الأقتتال وازدياد التجاذب الداخلي والخارجي في المشكلة اللبنانية وبعد ثبات واقع أن جميع الحلول ما لم تمرّ بالتوافق الوطني والأقليمي والدولي المتلازم، وهذا نادر وهش، سوف تُفشّل وتُوضع أمامها العراقيل. ولكن الذي يجب أن يكون معلومًا أن الصيغة الحالية (والعيش المشترك!) المشبّعة بدماء اللبنانيين والتي لما تزل تُجرّب في الحلول المتداولة، على اساس انها افضل الممكن واقل البدائل مرارةً، قد ثبت اساسا قصر مداها وفشلها الصارخ في توفير حياة صالحة للبنانيين، وأمام المثل العامي اللبناني "من جرّب المجرّب فعقله مخرَّب"، فالحكمة تقضي أن يتم البحث عن صيغ بديلة جوهرية تكون غير تجميلية او مرحلية او ترقيعية لتحافظ قدر الإمكان على لبنان وعلى ما تبقى من قيمه "ورسالته"، وتكون قادرة في الوقت عينه على الاستمرار وعلى تجنيب الأجيال القادمة مصائب تكرار حروب اجدادهم والسعي لحل معضلات فشل آبائهم في مواجهتها (وهذا هو الأهم). ولعل هذه الصيغ تمر عبر عدة أمور أساسية منها:

· التدرج في عملية دمج الأطياف اللبنانية وانصهارها، لأن أي صيغة لا تراعي مبدأ التدرج الطبيعي، والذي هو الأمر الأساسي في نشأة العلاقات وديمومتها، محكومة بالفشل. فالوقت عامل حتمي في نضوج العلاقات بين الأفراد والمجتمعات. وإذا كان المتاحبان يحتاجان لفترة خطوبة تكسر ما بينهما من حواجز لينتقلا إلى بيت واحد، فإن توحيد المجتمع اللبناني في وطن واحد رغم التاريخ والحاضر الحافل بالخصومات والنزاعات الدموية يحتاج بالضرورة إلى فسحة زمنية يعاد فيها بناء الثقة وترسيخ مقوماتها إذا أمكن. وتراكم إرث الارتياب وانعدام الثقة المتنامي يجعل من أي إلحاح على الانصهار القسري والسريع بالشكل الحالي عاملاً للانفجار وسببًا لردات فعل غير محسوبة كالتي يشهدها لبنان الآن. كما أن العامل الجوهري لبناء الثقة يتطلب منح الوقت الكافي لتشكيل نمطية جديدة من التعامل المطمئن بين الأطراف. وأمامنا شاهد واضح على رفض الاندماج السريع، فقد أوقفت الشعوب الأوروبية الوتيرة "المتسارعة" نحو أوروبا الموحدة حين صوّتت بعض دولها أخيرًا ضد الدستور المشترك للقارّة. ولا يغيب من الذاكرة والذكر الحلم العربي بالوحدة الذي لم يولد إلا سقطًا.

· اعتماد شكل يُتوافق عليه من أشكال اللامركزية الموسعة جدًا، مع الابتعاد الواعي عن فكرتي التقسيم والفدرالية اللتين يعتقد الكثيرون أنهما تشكلان خطرًا على لبنان "الرسالة"، يكون المقصود من اللامركزية الموسعة أن تعطي حرية ادارية داخلية أكبر للمجموعات اللبنانية، وتساعد مع الوقت على التدرج في بناء الثقة مع الآخر وبالتالي على الانصهار الطبيعي في مفهوم الوطن ومشروعه.

· ابتكار آلية مطاطة قادرة على التطور الطبيعي تخفف من حدة الصراع على السلطة وذلك بتوسيع دائرة المشاركة فيها ولكن بشكل لا يثير مخاوف الأستئثار ولا يعيق إنتاج القرار، وإيجاد حلول تُُريح الناس في عملية التمثيل.

· خلق بيئة حافظة وضابطة، تحفظ لبنان من التدخلات الخارجية المضرة من خلال مؤسسات سلطة متينة، يصونها جيش وطني قوي ومُعتمَد وفاعل، تضبط أمور الداخل بتحقيق متطلبات المواطن من الوطن كحفظ النظام والأمن وتأمين العدالة والنمو، وبذلك يتعزز حسّ الانتماء واحترام الدولة عند المواطن اللبناني. ومع الوقت فإن هذه البيئة، إذا كتب لها النجاح، سوف تُنشِّئ أجيالاً تؤمن بلبنان وتحقق فكرته في التكامل الوطني. وقد يكون انتخاب رئيس جديد في هذه المرحلة، فرصة سانحة للسعي لخلق هذه البيئة.

قد يقال عن حق ان هذا الطرح سهل نظرياًً وإن التحدي هو التطبيق. لكن الحل ممكن اذا توفر العمل القيادي عند امراء المذاهب وعند النخب واذا كانت لدى المجموعات في لبنان القناعة الحقيقية بالقيم التي يعلن بلدهم تمثيلها والرغبة الصادقة في العيش سويا بتوافق وبعيدا عن التسلّط. أما البديل عن إيجاد الصيغة الجريئة والخلاقة للحل، فها ان الأحداث تدل إن مصير لبنان ومجتمعاته لن يكون مختلفًا كثيرًا عن مصير الكيانات ذات البنية الهيكلية المختلّة والتي عانت من الحروب الأهلية المتكررة والانقسامات الداخلية، فالدراسات تُظهر أن هذه الصراعات لم تنته في الغالب إلا بوصاية خارجية أو بشكل من اشكال التقسيم.

يبقى ان نلاحظ مما لا شك فيه وهو أن طرح موضوع التوافق على صيغة جديدة تحافظ على القيم الجوهرية للبنان في ظل التجاذبات الحاصلة وضمن ظروف المنطقة المتغيرة والتداخلات الدولية، تجعل من هذا الطرح مادة للابتزاز، كما تدخل لبنان الضعيف في سوق المساومات الأقليمية والدولية التي لا يمكن التكهن بنتائجها.

لذا فإن النجاح في إيجاد طروحات جذرية لحل المعضلة في لبنان، يتطلب عمل قيادياً وطنياًً وحكمة وهدوءًا وتحضيرًا وإنضاجاً (غير متوفر حاليا) لمناخ يبدأ باجماع على تحصين أكبر للبنان ضد التدخلات الخارجية ويمر بالالتزام العملي بتنفيذ الاتفاقات السابقة، كاتفاق الطائف المجمع عليه ولو شكلياً ومؤقتاً، لتكون الخطوات التقنية الأولى نحو بناء الثقة والإصلاح الجوهري في لبنان.

ان الأفضل للبنان هو أن يُنقذ مصيره بيده تحت مبدأ "تغيروا قليلاً حتى لا تتغيروا كثيرًا" بإيجاد صيغة متطورة ومبدعة تتدرج فيها المجموعات نحو التعاون والتلاحم. وإلا فالواضح أن مضمون لبنان "الرسالة" التي ستصل للعالم سيكون: ان الحياة الكريمة والمتكاملة مع "الآخر" في هذا الشرق حلم مستحيل.

May 13, 2008

Michael Kouly

No comments: